التدوين والكتابة في المواضيع العلمية

 قلة المدونات  ذات الحتوى العلمي باللغة العربية

تتميز المدونات باللغة العربية بقلة تنوعها، وغلبة المدونات التقنية خاصة التي تهتم بالأخبار التقنية فقط تليها المدونات ذوات الغاية التعليمية، وكثير من المدونات الشخصية التي تمتلئ بأمور تافهة غالبها مكتوب باللهجات العامية ن ورغم صفتها الأدبية كما قد يبدو إلا أنها نوع من الأدب –  إن صدق هذا الوصف –  الذي لا جمالية فيه، وفي  تدوينات لاحقة سأكتب عن هذه الظاهرة. وسأقتصر في الوقت الراهن على الكتابة العلمية لأن الحديث عنها يمكن أن يفيد أصحاب المدونات التقنية وسيكون منطلقي للكتابة عن هذا الموضوع هو دروة تكوينية في الصحافة العلمية منشور على الانترنت، وذلك لأن التدوين هو ضرب من الكتابة الصحفية مما يوجب على المدونين أن يطلعوا على مبادئ الكتابة الصحفية واستثمارها في العملية التدوينية. لأن التدوين الجاد الذي يحترم قواعد الكتابة في نظري من أهم الوسائل وأكثرها فعالية في دعم وتعزيز المحتوى العربي على الأنترنت.


فكل شخص على معرفة بميدان أو تخصص معين هو مدعو إلى الكتابة فيه ونشر ما كتب على الانترنت تعزيزا للمحتوى العربي، ومشاركة للمعرفة بين اكبر عدد ممكن من الناس.
قلت آنفا إن الكتابة في الموضوعات التقنية هو ضرب من الكتابة في المواضيع العلمية، كما يجب التنويه على ظهور بعض المدونات ذات المواضيع العلمية المختلفة،  (أمثلة على هذه المدونات) في اعتقادي انه يجب على أصحابها التنبه على أهمية  امتلاك تقنيات الكتابة في المواضيع العلمية، ذلك أن جمهورهم المستهدف ليس هم العلماء في المجال  الذي تتخصص فيه المدونة بل المستهدف هو عامة الناس، وليس كل الناس على درجة واحدة من القدرة على فهم المواضيع العلمية التي تحتاج إلى الإلمام بمصطلحاتها ومفاهيمها، والتحدي الذي يطرح نفسه على كل كاتب في هذا المجال هو كيف يبسط المعلومات العلمية الدقيقة التي لا يفهمها إلا المتخصصون، ويجعل فهمها ميسورا لجميع الناس؟.

  ما هي طريقة الكتابة في الكتابة في المواضيع العلمية:

 لا تكتب مواضيعك بنفس الطريقة التي كتبت بها في المراجع العلمية المعتمدة في التخصص الذي تنوي التدوين فيه. وعليه فلست مطالبا بإرضاء العلماء والمتخصصين لأنهم حتما ليسوا من قرائك.
* يستحب الاطلاع على نفس المعلومات في مصادر متعددة، أو سؤال أكثر من واحد من المتخصصين حتى تتمكن من النظر إلى الموضوع من زوايا متعددة.
* أثناء الكتابة يجب التزام الدقة ما أمكن والابتعاد عن التفاصيل التي تعقد موضعك. ومما يعين على هذا أن تحاول الإجابة على الأسئلة التالية في موضوعك : من ؟ ماذا؟ متى ؟ أين ؟ لماذا ؟ وتأكد من أنك تجيب على كل الأسئلة التي يمكن أن يطرحها القراء العاديون الذين ليس لديهم أدنى فكرة عن موضوعك، أو أن معلوماتهم محدودة فيه. مع التصريح بمصادرك ما دام الأمر يتعلق بموضوع علمي .

* يجب أن تأخذ بعين الاعتبار طبيعة الموضوع الذي تكتبه، إن كان مجرد خبر علمي فيستحب أن يكون قصيرا ومباشرا، أما إذا كان الموضوع يحتاج على كتابة تفاصيله وذكر خلفياته فإن تدوينتك يجب أن تكون أطول فتكتبها في شكل مقالة.

الجمهور المستهدف بالتدوين في المجالات العلمية :

ذكرنا أعلاه أنه لا يجب أن تأخذ في اعتبارك نيل إعجاب العلماء والمتخصصين في أي موضوع علمي تكتب فيه، بل يجب أن تعمل على تبسيط المعلومة العلمية وجعلها في متناول عموم الناس ذلك أنه "على الإعلامي أن يجعل العلوم شأنا شعبيا ليجتذب اهتمام الجمهور"، مع العمل على بيان وجوه ارتباط العلوم بالجوانب الأخرى من حياة المجتمع  كالسياسة والاقتصاد والصحة مثلا، فالكثير من المواضيع العلمية تؤثر في حياة الناس بدرجات مختلفة، وتكون لها تداعيات على المجتمع أو على فئات منه. وهذا يوجب أن تعرف درجة العمق التي يجب أن تتناول بها الموضوع، مع التركيز على تأثيره على حياة المجتمع .

البحث في الموضوع .

معلوم أن الكتابة في أي موضوع تقتضي القيام بأبحاث وذلك بالقراءة في عدة مصادر عن الموضوع وتجميع المادة العلمية حتى إذا اجتمع له القدر الكافي قام المدون بتحريره في تدوينة معدة للنشر.

بناء الموضوع في التدوين في موضوعات العلوم بصفة عامة:

قبل كتابة الموضوع يجب وضع تخطيط له، وهو تحديد المحاور التي ينبغي أن يتكون منها الموضوع، كما يجب كتابة مقدمة تجذب القارئ نصف المهتم، ويجب أيضا أن تدخل في موضوعك مباشرة لأن القارئ يريد أن يعرف ما الذي تريد أن تقوله في أقل وقت ممكن، ولو أغرقته في المقدمات والممهدات الطويلة ربما أصبته بالملل وترك قراءة موضوعك قبل أن يدخل إلى صلبه. ولابد أن تكون الأفكار والفقرات متسلسة ومترابطة برباط منطقي مقبول بحيث تبدو كل فكرة  وكل فقرة على علاقة  وثيقة بالتي قبلها، ولما كانت الموضوعات العلمية تكتنفها بعض الجوانب المعقدة ، فيجب أن تهتم بتبسيطها وجعلها في متناول القارئ غير المتخصص. وأخيرا  لا بد أن نشير إلى أن تخطيط الموضوع الذي أشرنا إليه آنفا ، قد يحتاج إلى تعديله حسب المسار الذي اتخذه الموضوع لأنه يبقى أوليا فقط حتى تنتهي من كتابة الموضوع كاملا  ويصبح معدا للنشر.